أثر تنفيذ العقود في ظل فيروس الكورونا
Updated: Mar 20, 2020

العقد في القانون هو توافق إرادتين يؤدي إلي إتفاق معين بين أطرافه لإحداث أثر قانوني معين. علي أن يكون هذا الأثرهو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه، ويعتبر وسيلة للمعاملات التجارية الدولية والمحلية لتداول الثروات والمبادلات الاقتصادية. دائما ما يرد في العقود وخاصة العقود التجارية الكبيرة أو الدولية بند القوة القاهرة force majeure ويصاغ بأكثر من طريقة علي حسب ظروف كل عقد والإلتزامات الواردة به، ولكن في ظل الأحداث الصحية العالمية التي يمر بها العالم أجمع إثر فيروس كورونا، هل تسري القوة القاهرة أو الظروف الطارئة علي العقود الحالية؟ أو بطريقة أخري ما هي الاثار المترتبة علي عدم تنفيذ الإلتزامات العقدية إحتجاجا بالقوة القاهرة أو الظروف الطارئة التي تتمثل في الدفع بأنتشار فيرس كورونا؟
بداءة يجب تعريف القوة القاهرة علي أنها أي حدث أجنبي خارجي لا علاقة له بأطراف العقد ويجب أن يكون الحدث أو السبب الأجنبي غير متوقع ولا يكون في استطاعة أحد أطراف العقد دفعه مطلقاً مثل الحروب أو الثورات أو الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والأوبئة، لذلك إذا توافرت شروط القوة القاهرة فلا يمكن المطالبة بتعويض عن الضرر اللاحق. القوة القاهرة هي التي تجعل تنفيذ الالتزام التعاقدي مستحيلاً ويرتب عدم الوفاء بالالتزام ومن ثم يلحقه عدم تنفيذه. وهنا يجب التفرقة بين القوة القاهرة والظروف الطارئة: الظروف الطارئة هي التي تجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً وليس مستحيلاً وأنه من الممكن تنفيذه مما يرتب عدم انقضاء الالتزام وانما يرد الي الحد المعقول، وهنا توزع الخسارة علي الطرفين كزيادة الضرائب أو إرتفاع سعر العملة أو المصاريف الجمركية والأزمات الإقتصادية.

فهل يعتبر فيروس كورونا قوة قاهرة أم ظروف طارئة ؟
بنظرة تحليلية فإنه لا يمكن الإعتداد بفيروس كورونا علي أنه قوة قاهرة بشكل مطلق فمثلاً الدول الإفريقية التي تعتبر الإصابة فيها قليلة جداً وتكاد تكون معدومة فلايمكن الاحتجاج بعدم تنفيذ الالتزام بسبب فيروس كورونا ولكن بالتطبيق علي التعاقدات في الشركات الصينية مثلاً أو الإيطالية فتكون القوة القاهرة بسبب فيروس كورونا ذات حجية مؤثرة، نظراً لإستحالة التنفيذ بعد أن أغلقت الحكومات المطارات والمنافذ علي الدول المصابة. ومن نظرة أخري نجد أن فيروس كورونا أصبح متوقع أن يصيب باقي الدول لذلك يكون قد انتفي شرط من شروط القوة القاهرة علي البلاد الغير المصابة وهو عدم توقع السبب الاجنبي ويكون التقدير هنا علي حسب الإحتياطات المتخذة في الدولة من استعدادات وإحتياطات وإجراءات إحترازية.
لذلك فان الدول قليلة الإصابة أو المنعدمة لا تسري عليها أحكام القوة القاهرة خاصة وإن لم تتخذ الدولة تدابيراً إحترازية تصعب تنفيذ الإلتزامات، أما إذا كانت مرهقة في التنفيذ بسبب الفيروس فإنها تخضع لأحكام الظروف الطارئة ونحن نري أن كل حالة تكون منفردة بطبيعة التعاقد والظروف المحيطة لتنفيذ الالتزام "it depends" والمعيار هنا يكون للقاضي بعد تطبيق شروط وأحكام القوة القاهرة والظروف الطارئة، لإختلاف المعايير حسب الوقائع فمن الممكن الإعتداد ببعض الحالات علي أنها قوة قاهرة وحالات أخري ظروف طارئة وأخري قصور في التنفيذ دون سبب أجنبي داعي لإنقضاء الإلتزام “case by case”

لذلك ننصح دائماً في صياغة بند القوة القاهرة تحديداً بإعداد الصياغة بطريقة تعالج ظروف الحالة المتعاقد عليها والإبتعاد قدر الإمكان من القطع واللصق من العقود الأخرى، والصياغة بطريقة ملمة بأكبر قدر ممكن من الظروف والتي يجب تكيفها علي طبيعة محل التعاقد، ولكن صياغة محددة تتجنب الأفراط في التطبيق. بوقفنا علي هذا الفيرس، وبنظرة تأملية قانونية نجد أن الصيغ النموذجية قد لا تفي بالغرض ولا تعالج الأمور بصفة مباشرة. ونجد أيضاً ان هذا الوباء هو ظرف، نعم ليس بجديد، ولكن غير مألوف بات يدخل في توقعات الظروف الطارئة للمحامين عند صياغة العقود الجديدة. أما العقود التي تبرم في ظل هذا الوباء لا يمكن أن يحتج أحد طرفيها فيما بعد بأستحالة التنفيذ مما تسبب به الوباء.
بقلم/ محمد سيد انور
المصادر:-
1- https://www.eastlawsacademy.com/ForumPostView.aspx?I=169&H=%u0627%u0644%u062f%u0641%u0639
2- https://scholarworks.uaeu.ac.ae/cgi/viewcontent.cgi?article=1722&context=all_theses