احذر، "الفيس بوك" يؤدي إلى خسارة الوظائف

الوظيفة العامة والقيود التي ترد عليها
أناط وأحاط المشرع المصري في كافة قوانينه الوظيفة العامة بقيود وقواعد تحفظ مكانتها وأهميتها. حيث أُنيط الموظف العام بأحكام تضمن الحفاظ علي سرية وقيمة تأدية الوظيفة العامة، وأُحيط بجزاءات وقواعد مختلفة كلية عن تلك المقررة لسائر الوظائف الأخرى.
فنجد في قانون العقوبات جريمة رشوة الموظف العام والجرائم الأخرى المتفرعة عنها والتي قد تصل عقوبتها الي السجن المؤبد، وذلك ليس لفحوي الفعل الإجرامي – حيث تعتبر هذه الجريمة جنحة بالنسبة للمستخدم الخاص – وإنما للعلة. أن علة تجريم الرشوة في نطاق الوظيفة العامة هي الحفاظ علي صورة الوظيفة العامة امام المنتفعين بها (الشعب) ولعدم الإخلال بالثقة المفترضة في أفراد الوظيفة العامة واخيرًا لتعلق الوظيفة بالقانون العام، وعلي النقيض من ذلك فإن تلك العلل غير متوافرة في نطاق الرشوة في المشروعات الخاصة.
قانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات
ولم يكن ماسبق إلا اجمالاً قبل تفصيل، حيث سطرت دائرة التأديب للمحكمة الإدارية العليا حكمًا هامًا يتلخص في فصل موظف عام بالبنك المركزي المصري لتشهيره بأشخاص عن واقعة حدثت داخل أروقة هذه الجهة عبر منصة "فيس بوك" بإعتبارها وسيلة للتواصل الإجتماعي، علي عكس ما يعتقده الناس من أن مناقشة أي أمر من أمور الحياة والعمل شئ مباح حتي ولو تعلق بالأمن القومي أو بالحياة الخاصة لأفراض أخرين أوالخوض في الأعراض، وذلك كله الذي قد دعي المشرع المصري الي إصدار القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي يعلم عنه القليل.
عقوبة أغلظ للموظف العام عن سائر عوام الناس لطبيعة عمله
ولما كانت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المقررة في قانون العقوبات وأيضًا الجرائم المقررة لحرمة الحياة الخاصة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تقع من عوام الناس بما في ذلك الموظف العام بطبيعة الحال، ولكن وقوعها من هذا الأخير أدعي بأن تكون العقوبة أغلظ من تلك المقررة لعوام الناس بطبيعة عمله، فإذا كان من الممكن أن يحاكم الفرد العادي أمام المحكمة الجنائية لإرتكابه إحدي الجرائم السابق طرحها فإن الأمر جد مختلف بالنسبة للموظف العام الذي من الممكن أن يحاكم أمام المحكمة الجنائية والإدارية معًا وذلك لعلة الوظيفة العامة السابق بيانها.
فصل موظف عام بسبب تعليق له علي الفيس بوك
وعلي ذلك حكمت المحكمة الإدارية العليا بفصل الموظف لإخلاله بنص المادة ٢٥ من القانون ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات وبالتبعية إخلاله بالضوابط الحاكمة للوظيفة العامة: واليكم النص القانوني "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياه الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارا أو صورا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة".
لا تعتبر وسائل التواصل الإجتماعي منطقة عارية من التجريم والعقاب
ولا يعدو العرض السابق إلا تحذير لمن إعتقد أن وسائل التواصل بمختلف أنماطها منطقة عارية من التجريم أو منطقة فوق القانون، ولا يمكن إستخدامها للتشهير او التعرض لشخوص الأفراد وحياتهم الخاصة بل ويتخطي الأمر هذا الحد إذا ما تعلق بإعتبارات الأمن القومي والمساس بالدولة أو ايًا من أجهزتها. في النهاية لا يسعنا إلا أن نحترز وإياكم الخوض أو المساس بالأشخاص الطبيعية أو المعنوية العامة منها أو الخاصة عند إستخدامنا لوسائل التواصل الإجتماعي خاصة، لأنها بالأخص أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية. بقلم عبد الرحمن علي