العرف في القانون المصري: نظرة عملية
Updated: Feb 6, 2021
قد يتسرع المشرع المصري أو أي مشرع في أي بلد في العالم في اصدار تشريعات بخصوص مسائل معينه، وقد يتأخر في مناقشتها مرات ويغفل عن مناقشتها مرات أخري. وفي أوقات أخرى تجده يؤجل البت في تشريعات معينة بسبب أن المسائل محل النقاش فيها أمور متشعبة أو من الصعب مواكبتها مثل أوبر أو البيتكوين أو اي شيئ سبَبَه تطور التكنولوجيا، أو لأسباب أخري خارجية؛ ضغط سياسي أوأقتصادي مثلا. وذلك كله قد يترتب عليه فجوة تشريعية: اي فجوة بين القانون وتنظيم أمور مجتمعية. ولكن علي أية حال يستوجب علي القاضي التدخل لفض النزاعات. وهنا يثور التساؤل عن ما قد يفعله القاضي في غياب تشريع ينظم المسألة محل النزاع؟ هل تؤجل المحكمة البت في القضية لحين صدور تشريع منظم لها؟
الأصل كما بينا أن التشريع القانوني ليس المصدر القانوني الوحيد وعليه في تلك الحالة أن يلجأ القاضي إلي العرف القانوني ليسد به الفجوة بين غياب التشريع و المسألة محل النظر. ولكن ما هو العرف القانوني؟ العرف هو مجموعة القواعد الغير مكتوبة التى إتبعها الأفراد فى سلوكهم أجيالاً متعاقبة حتى نشأ الإعتقاد لديهم أن هذه القواعد أصبحت ملزمة وأن مُخالفها سيتعرض لجزاء الجماعة. العرف هو المصدر الثاني من مصادر القانون الرسمية ويعتبر مصدر احتياطي او بديل للتشريع في حالة عدم وجود قاعدة قانونية واجبة التطبيق، ولذلك كما وضحنا في الفديو، القاضي لا يلجأ اليها إلا في حالة عدم وجود نص تشريعي، أو في حالة وجود نص يشير للعرف صراحة أو ضمناً. وعليه لا يدفع به المحامي في مواجهة أو في وجود نص تشريعي يحكم المسألة. وذلك طبقاَ للمادة 1 فقرة 2 من القانون المدنى والتي تنص على: " .... فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى العرف…".
أركان العرف

القاعدة القانونية العرفية لها ركنان، تم تعيينهما من أجل تحديد ما إذا كانت السلوك المتبع هو قاعدة عرفية أم لا، وبالتالي امكانية الاستناد عليها من عدمه. يرجي الأشارة أن العرف يمكن أستخدامه ايضاً عند تطبيق قاعدة تشريعية، لان للعرف اغراض اكثر ملائمة من التشريع لحل النزاع، مثل ما تنص علية المادة 233 من القانون المدنى على ان الفوائد التجارية التى تسرى على الحساب الجارى يختلف سعرها بإختلاف الجهات، ويتبع فى حساب الفوائد المركبة فى الحساب الجارى ما يقتضى به العرف التجارى. الركن الأول: هو الركن المادي ويتمثل في الاعتياد: الاعتياد علي الالتزام بقاعدة ما غير مكتوبة. الركن الثاني: وهو الركن المعنوي: ويتمثل في الشعور بالإلزام وليس مجرد الاعتياد علي الالتزام بل الاعتقاد بالزامه. دعونا نتكلم عن طريقة تحقيق كل ركن وصولا إلي تكوين قاعدة قانونية عرفيه.
الركن المادي: الاعتياد: الاعتياد ويتحقق ب3 شروط وهم: القدم والتكرار- العموم والاستقرار- عدم مخالفة النظام العام.
القدم والتكرار يعني تكرار سلوك معين لفترة طويلة من الزمن: وذلك بعنى أن يعتاد الافراد عليه ويتعاملوا علي اساسه بشكل ثابت ومتكرر لمدة طويلة. لكى يتحقق الركن المادي في تكوين القاعدة العرفية يجب تكرار سلوك معين على فترات متلاحقة من الزمن. العموم والاستقرار اعتياد الناس علي اتباع السلوك، بمعني أن يكون إتباع القاعدة أو السلوك عام وليس خاص أو فئوي. وأن يكون الاتباع مستقر: أي أتباع السلوك بشكل ثابت ومستمر. عدم مخالفة النظام العام والنظام العام هو مجموعة المبادئ الأساسية في التنظيم الاجتماعي، أو مجموعة الأسس السياسية والاجتماعية والاقتصادية اللي يتكوّن المعتقد الاجتماعي العام والتي يقوم عليها مجتمع معين في وقت معين." و لتحقيق الركن المادي يجب الا تكون العادة مخالفة للأسس الاجتماعية والأخلاقية. وكمثال مبدأ الثأر و الذي لا يصح الاخذ به لمخالفته للقانون . الركن المعنوي: إعتقاد الإلزام: الإعتقاد هو شعور بالزامية القاعدة من الجماعة أو الفئة الحاكمة أن القاعدة المتبعة ملزمة وأن مخالفها سيتعرض لعقاب الجماعة. الأعتقاد لم ينشأ بين ليلة وضحاها، لأنه يحتاج فترة زمنية طويلة، حتى يصير الاعتقاد الزاميًا
أنواع العرف
العرف الشامل: وهوالعرف المتبع من جميع أفراد الدولة واثباته صعب الان.
العرف المحلي: وهومنحصر في منطقة أو إقليم معين ← مثل عرف الأثاث للزوجة "بيطبق على الإقليم المصرى".
العرف الطائفي: هو يكون متعلقا بطائفة معينة أو مهنة محددة.
هنا يجدر الفصل بين العرف والعادات:
فالعادات قد تكون عادات اجتماعية: عبارة عن عادات من باب المجاملة أو مراعاة الذوق العام ← الزيارات الاجتماعية أو تقديم الهدايا في المناسبات. لا توجد للامتناع عنها اي عقوبة تذكر. عادات اتفاقية: الأصل في العادات الاتفاقية أنها غير ملزمة، لكن من الممكن ان تكون ملزمة اذا تفق الأطراف عليها صراحة أو ضمناً. وتتوافر القوة الزامية في حالة اشتراط احد اطراف العقد في تعاقده أو معاملاته لذلك العرف مثل تحمل المستأجر ثمن استهلاك المياه والكهرباء في بعض الأماكن.
اذا فما الفرق بين العرف والعادة؟!
العرف يتحقق في حالة ثبوت الركنين المادي والمعنوي ،اما العادة فتتكون في حالة ثبوت ركن واحد فقط.
العرف ← قانون يطبقة القاضي من تلقاء نفسه دون طلب من الخصوم لأنه مصدر من مصادر القانون.
العادة الاتفاقية ← لا يطبقها القاضي إلا بناءا على طلب الخصوم لأنه ليس مصدر من مصادر القانون.
مزايا وعيوب العرف:
مزايا العرف: انه يعبرعن إرادة الأفراد في المجتمع: لانه خلق من صلب المجتمع. كما أنه مرن، بعكس التشريعات جامده وتعديلها يحتاج خطوات عدة، فالعرف مرن ويتطور بتطور المجتمع وبيتغير مع تغيره. كما أنه تلقائي: وذلك لان العرف لا يحتاج اي سلطة من أجل أضفاء صفة إلازمية عليه. أما عيوب العرف التي عرضها الفقهاء فهي: أنه وأن كان مرن في تطويرة، فهو بطيئة في إنتاج قواعد قانونية جديدة: فيحتاج فترة زمنية طويلة من الاعتياد. مع ذلك العرف هو صدر رسمي للقانون في المرتبة الثانية بعد التشريع.
مصادر للعرف:
3ـ https://www.startimes.com/?t=24201619 4ـ https://elibrary.mediu.edu.my/books/2016/MEDIU6866.pdf