هل تداولها قانوني في مصر؟ :PI Network
Updated: Feb 6, 2021

منذ أغسطس 2017 حذر البنك المركزي المصري في أكثر من بيان له التعامل في كافة أنواع العملات المشفرة، معلّلاً هذا الحظر بأنّ تلك العملات المشفّرة cryptocurrency غير مستقرّة بشكلٍ عامّ وغالباً ما تتقلّب أسعارها وقيمها السوقية بشكل غير متوقّع. وعليه صرح أن الإستثمار في العملات المشفرة ليس الا مغامرة محفوفة بالمخاطر تنذر بإحتمالية خسارات لا يمكن تحمّلها. كما أصدر مفتي الديار المصرية في يناير 2018 فتوى تحرّم التداول بهذه العملات ومنها البيتكوين، والتي تماثل الPi Network في الإستخدام، قائلاً أن هذا التداول يجلب للمستخدمين “النصب والغشّ والجهالة".
ولعل من أشهر العملات الرقمية في وقتنا الحالي هي عملة البيتكوين والتي تتمتع بقيمة سوقية مرتفعة تصل حالياً إلى أكثر من 9000 دولار مقابل 1 بيتكوين وفقاً لأخر تداول يوم 28 مايو 2020. والآن نسمع عن عملة رقمية جديدة تنافس البيتكوين وهي عملة الـ pi network والتي تم إطلاقها خلال الأشهر الماضية. ونظراً للإهتمام الكبير الذي حصلت عليه هذه العملة الحديثة في مصر، يطرأ تساؤل هام وهو ما مدى قانونية تداول هذه العملات الرقمية في مصر وهل عالج القانون المصري هذه العملية أم لا؟ هذا ما يجيب عليه المقال بإيجاز.

العملات الرقمية
لكل عصر تباعته ومظاهره التي تميزه عن غيره من العصور، وفي ظل ما نشهده اليوم من تنامي هائل للتكنولوجيا الرقمية ظهرت العديد من الظواهر كانت نتاج طبيعي لهذا العصر مثل ظاهرة (العملات الرقمية) وهي عبارة عن عملات افتراضية يتم تداولها من خلال الإنترنت وليس لها وجود مادي مثل العملات الورقية أو المعدنية، كما أنها عملات لا مركزية، أي لا يمكن لحكومة أو مؤسسة نقدية ما أن تتحكم في إنتاج المزيد منها، ويتم التحكم فيها عن طريق تكنولوجيا تٌدعي سلسلة الكتل (Blockchain) ويشير هذا المصطلح وببساطة شديدة إلى دفتر حسابي إلكتروني يتم فيه تسجيل المعاملات المالية التي تتم وتشفيرها في كتلة، وربطها بالكتل الأخرى لتكوين سلسلة من الكتل.
ومؤخراً ظهرت عملة رقمية جديدة حازت على اهتمام الجميع ومحل حديث مواقع التواصل الاجتماعي وهي عملة الـ pi network والتي تم إطلاقها خلال الأشهر الماضية، من قبل ثلاثة من خريجي جامعة ستانفورد يريدون بها منافسة البيتكوين. ورغم حداثة هذه العملة إلا أنها حازت على اهتمام كبير الأشهر الماضية وذلك نظراً لنجاح البيتكوين وارتفاع قيمته السوقية والذي جعل البعض يتحمس لهذه العملة الجديدة كما أن قيمتها السوقية الآن لازالت صفر، كما يسهل الحصول عليها من خلال تطبيق للموبايل خاص بها، وهناك إمكانية تعدينها بالموبايل وذلك عكس البيتكوين الذي يتطلب جهاز كومبيوتر ذو مواصفات خاصة للتعدين وتستهلك الكثير من الكهرباء.
محاولة تقنين مشروع قانون البنك المركزي المصري للعملات الرقمية والمشفرة

وتبرز الإجابة على هذا التساؤل فيما أورده المشرع المصري في مشروع قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والذي يتم مناقشته حالياً في البرلمان المصري، حيث حظرت المادة (206) من مشروع القانون، إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المُشفرة أو النقود الرقمية، أو الترويج لها بدون الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزى المصري، وفقا للقواعد والإجراءات التى يُحددها.
ولكن ما هي العملات المشفرة والنقود الرقمية طبقاً لهذا المشروع؟ عرف المشروع القانون النقود الإلكترونية بأنها (قيمة نقدية، مُقومة بالجنيه المصرى أو بإحدى العُملات المُصدرة من سلطات إصدار النقد الرسمية، مُستحقة على المُرخص له بإصدارها، وتكون مُخزنة إلكترونيا ومقبولة كوسيلة دفع). أما العملات المُشفرة فقد عرفها بأنها عملات مُخزنة إلكترونيا، غير مُقومة بأى من العملات الصادرة عن سلطات إصدار النقد الرسمية، ويتم تداولها عبر شبكة الإنترنت.
أما بالنسبة إلى شروط الحصول على ترخيص مجلس إدارة البنك المركزي يإنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المُشفرة أو النقود الرقمية، أو الترويج لها فهو متروك للائحة التنفيذية للقانون. مما يستنتج منه أن المنع القانوني علي الPI Network لن يكون مطلق، وأنه من الممكن أن تستخدم تلك العملات بطريقة مقننة وإحترافية. وكل ذلك النقاش يدخل الريبة القانونية علي الإستثمار في الPI Network في الوقت الحالي.

العملات الرقمية في مصر ما بين الإباحة والتجريم
على الرغم من تصريح الهيئة العامة للرقابة المالية في ديسمبر 2017 تجاه محاولات تشجيع وتحريض المستثمرين على التعامل بالعملات المشفرة والذي وصفته بأنه يُعتبر “ضرباً من الخداع يخضع للمساءلة القانونية"، ورغم أيضاً تحذيرات البنك المركزي المصري وعدم اعترافه بالعملات المشفرة، إلا أننا ومن مطالعتنا لمشروع القانون السالف ذكره نجد أن الحظر الوارد في المادة (206) يسري فقط على إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المُشفرة أو النقود الرقمية، أو الترويج لها دون الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، وليس هناك حظر على عملية التداول ذاتها، ولا يوجد نص قانوني يجرِّم ذلك، وبالتالي لن يعد تداول العملات الرقمية جريمة في مصر، رغم كل التصريحات والتحذيرات التي صدرت.
.

كما أنه في أبريل 2018 تم إفتتاح أول حاضنة أعمالٍ متخصِّصةٍ في البلوكتشين Blockchain في مصر. والبلوكتشين هو عبارة عن نظام يتم فيه الاحتفاظ فيه بسجل للمعاملات التي تتم في بيتكوين أو أي عملة رقمية أخرى عبر العديد من أجهزة الكمبيوتر المرتبطة في شبكة. حيث تعاون في إفتتاح ذلك البلوكتشين شركة آي بي إم IBM ومؤسسة نوفيلاري Novelari وصندوق زد كيه كابيتال zk Capital عن طريق تمويل أبحاث البلوكتشين، بهدف محاكاة نماذج الأعمال المرتكزة على البلوكتشين. ومولت أيضاً من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر، وكذلك مبادرة نايلبرينيرز NilePreneur، ومن هنا يستشف مساعي الدولة المصرية إلى فهم تقنية البلوكتشين المستخدمة في العملات الرقمية والمشفرة، وهو ماظهر جلياً أيضاً في التوصية التي أصدرها البنك المركزي في أغسطس 2018، بإصدار عملة رقمية مصرية تحمل اسم E-Pound وذلك في محاولة لخفض تكاليف إصدار العملات المعدنية والورقية وكذلك أجور المعاملات والمناقلات المالية وتوفير الوقت والجهد والمال وبالتالي نجد أن هناك تباين واضح لدى الدولة المصرية في التعامل مع العملات الرقمية المشفرة بين الخوف من إباحتها وفقدان السيطرة عليها نظراً لإستقلاليتها، وبين الحرص على الإستفادة من تكنولوجيا “البلوك تشين” فى العديد من المجالات داخل مص. ومنه يستشف أن العملات الرقمية لن تمنع بتاتاً، ولكنها أيضاً ومن المؤكد لن تترك لإستخدامات الإفراض، علي الإقل لن تباح في المستقبل القريب.
ختاماً ومن كل ما تقدم نخلص إلى الأتي أن تداول العملات الرقمية في مصر مباحاً ولا يعد جريمة، وحتى بعد صدور قانون البنك المركزي الجديد سيسرى الحظر فقط على إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المُشفرة أو النقود الرقمية، أو الترويج لها دون الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، وستوضح اللائحة التنفيذية للقانون شروط الحصول على هذا الترخيص، ولن يسري الحظر على عملية التداول.
بقلم / مصطفى جمال
تحرير / وليد الفرس
المصادر https://www.wamda.com/2018/03/blockchain-focused-incubator-launch-egypt-april
https://www.bbc.com/arabic/business-42281544