top of page

مستقبل الكتابة القانونية في مصر

Updated: Dec 22, 2019





دائماً ما كان إحكام وحسن صياغة وبلاغة الكتب القانونية وأحكام محاكم النقض المصرية مصدر إحتفاء ومدح من قبل جميع القانونيين بجميع دول الوطن العربي. فعند قراءتك لأحد أحكام محكمة النقض أو لكتب كِبار القانونيين يخيل لك أنك تقرأ نوع جديد من أنواع البلاغة الأدبية. حيث كانت ومازالت مهارة الصياغة والكتابة القانونية تعد من أهم المهارات التي يتعين على الممارس القانوني الإلمام بها، وهي من أهم ما يميز رجل القانون المصري. لكن دعونا اليوم نتساءل عن المستقبل و ليس الماضي: نتسأل عن مستقبل الكتابة القانونية في مصر.

بالتأمل في الحاضر، دائماً أتعجب من سعى جميع القانونيين إلى تعلم لغة أجنبية أخرى والتي وإن كان لاجدال أنها من الأمور الهامه في هذا الوقت من الزمن، وتميز الممارس القانوني عن أقرانه في سوق العمل، لكن ما يثير تعجبي هو سعيهم إلى تعلم اللغة الأجنبية وإهمالهم للغة العربية رغم أن إستخدام اللغة العربية في العمل القانوني في مصر هو الغالب. فدائماً ما تجد حديث التخرج يدون بسيرته الذاتية قائلا فيها أُتقن اللغة العربية (اللغة الأم) والإنجليزية (متوسط) مثلاً، لكن بالغالب تكون اللغة العربية أيضاً (متوسط). فعند إنخراطك بسوق العمل ستفاجئ بعدد لا نهائي من الأخطاء الإملائية و الصياغات الركيكة للمذكرات القانونية. ولا أخفي عليكم سراً أن إنتشار القوالب الجاهزة والتي تُباع خارج أسوار المحاكم، ومن قبلها خلف أسوار الجامعات، أدت كثيراً إلى ضياع حقوق أناس عدة فدائماً ما يشكو القضاة من عدم فهم الورقة المقدمة أو فهمها فهماً خاطىء، نتيجة ضعف الصياغة اللغوية وكثرة الدوران حول الموضوع مما يضعف الموقف حتى وإن كان الأقوى، فالمحامي بذلك لم يستطيع إيصال وشرح حججه ودفوعه وموقفه القانوني .

الأخطاء الإملائية دائماً ما تقلل من قيمتك القانونية، فكيف ستثق بحكم شخص لايعرف أين توضع الهمزة، أو متى تكتب التاء المربوطة أو المفتوحه، ولك أن تتخيل محامياً كتب في الدعوى ( المدعا عليه لم يسدد المبالغ التي علية) أو ( محل الدعوة ) أو ( العديد من القواضي ) الأمر الذي يثير التساؤل حول مستقبل الصياغة والكتابة القانونية في مصر خاصة في ظل عدم إهتمام طلاب القانون بها وعدم حرص كليات القانون على تزويدهم بها. لذا دعونا نتحدث عن بعض الخطوات التي أرى عن كسب أنها ستزودنا بمهارة الصياغة القانونية الجيدة :-

أولاً: القراءة لن تكتب حتى تقرأ فأهم عامل من عوامل إكسابك مهارة الصياغة القانونية هو القراءة، خاصة كتب ومراجع وشروحات كبار فقهاء القانون، وأهم ما أنصح به الطالب هو الإهتمام بالكتاب الجامعي فأغلب الكتب الجامعية يراعي فيها أساتذة القانون تبسيطها لتناسب الطالب، و إن أغفل أحدهم هذا ووجدت صعوبة في فهم كتاباته، يمكنك الذهاب إلى مكتبة الكلية والبحث عن كتاب أخر لذات الموضوع لأساتذة أخرون. ومن قبل كتب القانون عليك بالقراءة بشكل عام، أجعلها عادة ونمط حياة.

ثانياً:الحصيلة اللغوية

احرص على تزويد حصيلتك اللغوية و خاصة اللغة القانونية، لذا أهم ما أنصحك به هو قراءة الأحكام القضائية بصفة عامة وأحكام محكمة النقض المصرية بصفة خاصة، و إطلاعك على صياغة الحيثيات والتسبيب القانوني، لذا فاجعل لك ورد يومي تتجول خلاله في أحكام محكمة النقض المصرية من خلال هذا الرابط ( اضغط هنا ). احرص دائماً على قراءة مذكرات الدفاع و الطعن بالنقض و الإستئناف، والأمر أصبح يسيراً في ظل سهولة تداولها على الإنترنت.


ثالثا: البحث القانوني

البحث القانوني هو من المواضيع المبهمة في جمهورية مصر العربية و بقية الدول العربية. و لكن لنبسط الامور لا لنعقدها فدعونا نتفق ان البحث في القانون يشمل البحث في القانون وعن القانون. البحث في القانون عن أجابات لمشاكل أو وقائع حياتية أو البحث عن القانون لتزويد معرفتنا به أو بهدف تنظيم القانون نفسة وأعادة تشكيلة. الكتابة القانونية لا تعتمد فقط علي القراءة ولكنها ايضا تعتمد علي القراءه في سياق بحثي يربط الموضوعات ويعطي للقانون معني ومخزي ملموس.


رابعاً:الكتابة أكتب وتأمل.عود نفسك على الكتابة، عن أي موضوع يشغل ذهنك واحتفظ به لنفسك أو شارك به في مدونات أو مجلات بحثية أو مؤتمرات دولية. شارك في مسابقات دولية مثل التي تتعلق بالكتابة أو بالمحاكم الصورية أو المناظرات بشكل عام. كل ذلك سيزيد من تلك المهارة في سياقها العملي.


إذا ألقينا نظرة تحليلية على المجتمع القانوني ستجد أن الكتابة القانونية هي أهم مهارة لدى أبرز رجال القانون في مصر، فجميعهم لديهم مؤلفات قانونية عدة تُصدر إلى كافة الدول العربية ليس هذا فقط بل هناك العديد من منهم لديه كتب أدبية، لكن هل سنظل كما عاهدنا السابقين تصدر مؤلفاتهم و شروحاتهم لعلوم القانون إلى كافة الدول العربية أم سيظل المؤشر في الإنخفاض إلى أن يندثر !!؟ اذا اختارنا الاعتماد والانبهار ومدح ما هو موجود منذ سنوات عدة فبالتأكيد ستندثر معه الكتابة القانونية و سنصبح مثال علي "سقط بعد أن وصل للقمة". بقلم: مصطفى جمال تحرير: وليد الفرس

382 views0 comments
bottom of page