ملكة الخطابة وفن الإلقاء كيف نكتنزها
Updated: Feb 24, 2020

تتسارع دقات قلبك تكاد تخترق القفص الصدري، صوتك متهدج متقطع، مخارج الحروف تفقد صوابها فلا تدري ماذا يخرج وماذا يقال! وكل هذه الأعراض الجميلة تأتي فوقها لعثمة الكلام لتزيد الطين بلاً. تحاول تهدئة نفسك، لكن حتى وإن أحكمت السيطرة على طريقة حديثك، فقلبك بداخلك يكاد ينفجر. بداءة لا تقلق عزيزي القارئ فهذه هي الأعراض الطبيعية التي تقابلك قبل التحدث أمام جمهور أو القيام بعرض (presentation) أمام زملائك أو أساتذتك. من الأشياء المحزنة و التي جعلتني أدرك أهمية هذه المهارة، هو أن عدم تمكن بعض الطلاب من هذه الملكة جعلهم يهدرون جهد أيامٍ عدة و تعب و سهر ليالٍ طوال في عدة دقائق سيقفون فيها أمام عدد من الأساتذة يعرضون فيها عليهم مجهود هذه الأيام، ولكن للأسف نتيجة التوتر وتملك الأعراض السابق ذكرها منهم يصبحون غير قادرين على إبراز جهدهم المبذول فيخرج في أسوء حالاته حتى و إن كان لديهم أفكار إبداعية .

الكثير من طلاب القانون يتمنون لو يتمتعون بملكة الخطابة فيقومون بزلزلة أرجاء المحكمة بأدلتهم المقنعة و فصاحة لسانهم ورجاحة قولهم سواء أكانوا محامين أم أعضاء النيابة، كثيرهم يتمنى لو يمتلك سرعة بديهة و فطنة المحامي الشهيرعمر مكرم في الرد. من منا لم تأخذه الحماسة و يذوب تحت تأثير الخطابات الحماسية التي يلقيها أشهر السياسين والرؤساء قديماً، فمن منكم لم تأخذه الحماسة لخطاب السادات أمام الكنيست الإسرائيلي و قوة كلماته و صوته الواثق الذي يحمل في طياته معالم القوة و النصر، شاهدت كيف كان لخطاب النكسة لعبدالناصر أثر في نفوس المصريين، سمعت صوت الجماهير وهي تهتف لعبدالناصر عند إلقائه لخطاب تأميم قناة السويس!! لاشك أن الجميع تمنى لو يمتلك هذه المهارة و يتحلى برجاحة القول و فصاحة و بلاغة اللسان.
في الأونة الآخيرة استقبلت عدداً من الرسائل التي تسأل عن طريقة مُثلى للتخلص من رهبة التحدث أمام جمع من الناس ، و نظراً لأهمية هذا الموضوع و شائعيته مؤخراً ، سأقدم لك عزيزي القارئ هذا الموضوع في نقاطٍ صغيرة ، و أمل أن يكون فيه إفادة لك و
لزملائك من بعدك .

أولاً: الإعداد الجيد للموضوع الذي ستتحدث فيه ثق تماماً أن قراءتك الجيدة وإلمامك التام للموضوع الذي ستتحدث فيه له عظيم الأثر في إكسابك ثقة في نفسك وأثناء ردودك على أسئلة الجمهور، كما أن تذبذب و ضعف أرائك و تعارض أقوالك سيُفقِدك مصداقيتك أمام الحضور، فتذكر دائماً أن عربة القطار الفارغة هي من تصدر ضجيجاً عالياً.
ثانيا: توقع الأسئلة أثناء قيامك بكتابة خطابك توقع الأسئلة التي يمكن أن تُوجه إليك و جهز الردود المنطقية التي سترد بها عليها ، و أنتقي أبسط العبارات التي تخدم موقفك و موضوعك و راعي فئة الحاضرين فلا تستخدم مصطلحات ثقيلة على آذانهم.
ثالثاً: تمرن أقرأ خطابك أكثر من مرة و درب نفسك على النطق الصحيح للمصطلحات التي يصعب عليك نطقها. مرن نفسك على خطابك أكثر من مرة أمام المرأة، لأنها أكثر المقاييس دقة لأنك أنت من تقيم نفسك بنفسك، ثم أنتقل إلى أهلك و أصدقائك إن أردت و أجعلهم يقيموك.
رابعاً: أخرج برة الصندوق أرجع إلى اليوتيوب الملئ بالعديد من الخطابات الجماهيرية القديمة، و أغلب ردود السياسيين الشهيرة. وأحرص على أن تدون في مذكرتك أدق الملاحظات التي تلاحظها، كالوقفات بين الكلام، و بعض المصطلحات الجديدة على مسامعك إلخ .

خامساً: أسترح وتأمل
حاول أن تأخذ قسط كافِ من النوم في الليلة التي تسبق إلقائك لخطابك ، و إن كان متاح لك مشاهدة المكان الذي ستلقي فيه خطابك قم بالذهاب إليه و أستحضر في ذهنك نفسك وأنت واقف أمام الجمهور و رد فعل الجمهور على كلماتك .
سادساً: لا تكن مملاً
تناغم بنبرات صوتك و تلاعب بها ، فلا تجعل خطابك كله يسير على نبرة واحدة ، لأنك بذلك ستصيب الحضور بالملل و الرتابة وستفقد حماستهم معك.
سابعاً: ابتسم بمجرد إعتلائك المنصة، أرسم على شفتيك ابتسامة بسيطة و حاول السيطرة على تعبيرات وجهك، و وزع نظرك على الجميع ولا تجعلها تقف عن أحدهم فتفقد الباقي.
ثامناً: تسليط الضوء علي المهم سلط الضوء أكثر على بعض الكلمات أو الأفكار التي تريد أن تبرزها و كررها أثناء حديثك مرة أخرى حتى تتأكد من وصولها إلى ذهن الحضور.
تاسعاً: الاداب
عند تلقي الأسئلة من الحضور لا تحاول مقاطعتهم أثناء السؤال، وحافظ على تعبيرات وجهك حتى لا يظن السائل أحتقارك لسؤاله أو سخريتك منه أو عدم وجود إجابة لديك على سؤاله أو توترك من سؤاله.
بقلم : مصطفى جمال