top of page

نبذة عن المرسوم البريطاني 1807م بإلغاء تجارة الرقيق

Updated: Mar 20, 2020


المعاملة الوحشية التي لاقاها الرقيق عبر المحيط الأطلسي كانت لها بالغ الأثر في التمهيد لإلغاء القوانين والتنظيمات التشريعية التي أجازت تجارة الرقيق تحت الحكم البريطاني لمدة 400 عام. في عام 1640م، كان قد بدأ المستعمرون الإنجليز في باربادوس "إحدى جزر البحر الكاريبي" بزراعة قصب السكر مما دعى الحاجة إلى طلب الرقيق في المستعمرات الإنجليزية عبر المحيط الأطلسي، ولسد حاجتهم من الرقيق اعتمد زراع القصب الإنجليز على التجار الهولنديين حيث كانت تجارة الرقيق في ذلك الوقت حكرًا عليهم، ومع اتساع تجارة السكر التي كانت تنتجه تلك الجزيرة وغيرها من جزر المحيط الأطلسي وخوفًا من فقدان التجارة الإنجليزية للأرباح التي يمكن تحقيقها نتيجة احتكار الهولنديين لتلك التجارة، رأى الإنجليز التخلص من الاعتماد عليهم في سد حاجتهم من الرقيق والبدء في ممارسة تلك التجارة بأنفسهم.


في عام 1672م، منح تشارلز الثاني لمجموعة من التجار الإنجليز امتياز الإتجار مع أفريقيا وتكوين شركة باسم "الشركة الأفريقية الملكية"، أُنيط بهذة الشركة مد المستعمرات البريطانية بثلاث آلاف عبد سنويًا على أن يكون ثمن العبد الواحد معادلًا لثمن طن واحد من السكر أي 17 جنيه إسترليني.





وعليه أصبحت تجارة الرقيق وقفًا على الإنجليز ومن بعدها بدأت ببيع العبيد للمستعمرات الإسبانية والفرنسية وتخلصت من المنافسة البرتغالية والهولندية. في عام 1771م، بلغ عدد السفن الإنجليزية التي غادرت موانئ إنجلترا قاصدة أفريقيا 188 سفينة حملت 50000 من العبيد إلى أمريكا.


كيف كان يتم التعامل مع الرقيق؟

كانت وسائل بريطانيا في هذه التجارة تقوم على القيود والسلاسل الحديدية والأسلحة النارية، وجعلت من أفريقيا مسرحًا لصيدها ومن مستعمراتها سوقًا لها، ولعل من أشهر المجازر التي حدثت بحق الرقيق في ذلك الوقت مجزرة سفينة زونج، في 29 نوفمبر 1781 م قُتل 142 شخص أفريقي كانوا على متن سفينة العبيد، حيث رأى مسئولي السفينة التخلص من العبيد الموجودين على متنها عندما اكتشفوا أن مياه الشرب غير كافية للعدد الذي تحمله السفينة رغم مرورها بأكثر من ميناء للتوقف والتزود بالمياه إلا أنه خوفًا من هلاك حمولتها ألقت بهم في مياه المحيط الأطلسي، لجأ مالكي السفينة إلى شركة التأمين لتعويضهم جراء خسارة العبيد إلا أن شركة التأمين رفضت فلجأوا إلى القضاء، كانت هناك محاولات لمحاكمتهم عن تهمة القتل العمد إلا أن ذلك باء بالفشل إذ كان القانون الإنجليزي في ذلك الوقت يجيز القتل العمد للعبيد في بعض الحالات.

عام 1660م، بدأت المستعمرات الإنجليزية في شمال أمريكا بوضع مجموعة من القوانين واللوائح التي تنظم عمل الرقيق، حيث نص تشريع في ولاية فرجينيا على أن الأطفال من أم من الرقيق هم رق أيضًا بصرف النظر عن وضع الأب، ثم صدر تشريع آخر سنة 1667م يبقي الرقيق في حالة العبودية مدى الحياة، إذا قتل السيد رقيقه للتغلب على عناده لا تعتبر هذه جريمة قتل لأن الإنسان لا يدمر ممتلكاته عمدًا.



ويليام ويلبرفورس وجمعية إلغاء الرق:

ويليام ويلبرفورس كان سياسيا بريطانيا وعضوا برلمانيا، متحدث فصيح، قاد حملة لالغاء تجارة الرق ببريطانيا استمرت مدة 20 عاما، الا ان كُللت مجهوداته بالنجاح اخيرا مع صدور قانون لالغاء تجارة الرق فى 1807م. جُسدت شخصيته فى فيلم Amazing Grace، الصادر عام 2006م والذى اظهر محاولات ويليام المستميتة لاقناع بريطانيا بالغاء تجارة الرقيق.







مرسوم 1807 م بإلغاء تجارة الرقيق:

في 25 مارس سنة 1807م، صدر مرسوم بريطاني ينص على تجريم تجارة الرقيق ومنع السفن البريطانية من نقل الرقيق، ومعاقبة السفن التي لا تتقيد بالمرسوم بالمصادرة أو الغرامة 100 جنيه إسترليني عن كل رأس رقيق، ومصادرة الرقيق وإلحاقه بممتلكات التاج البريطاني بتجنيده في الجيش أو الأسطول دون حق في معاش بعد الخدمة، تُقدم حوافز لسفن الأسطول البريطاني لمراقبة وضبط السفن البريطانية التي لا تتقيد بالمرسوم وذلك بمنح 13 جنيه إسترليني على كل رأس من الذكور و 10 جنيهات على كل رأس من الأناث و 3 جنيهات على كل طفل، وأصبح الحافز أحد مصادر تمويل الأسطول، إلزام مالكي الرقيق تسجيل كل أرقائهم للرقابة على البيع. في أغسطس عام 1883م، أصدر البرلمان البريطاني مرسوم عتق الرق ونص على عتق الرقيق وتعويض مالكه، على أن يكون العتق تدريجيًا، لأن الرقيق غير مؤهل للحرية، الرقيق المُعتق يبقى بلا أجر لدى مالكه لمدة 12 سنة للعاملين في الحقول، و 7 سنوات لخدمة المنازل، يخصم جزء من الأجر لتعويض المالك، الرقيق المُعتق يعمل ثلاثة أرباع يوم العمل لدى مالكه بأجر، وربع اليوم بغير أجر وأينما يشاء، الأطفال تحت سن السادسة أحرار.


الإعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 وإلغاء الرق:

نصت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق. في 25 مارس 2015م، شُيد نصبًا تذكاريًا بمقر الأمم المتحدة في نيويورك باسم "سفينة العودة" تخليدًا لذكرى ضحايا الرق الذي وصل عددهم لأكثر من 15 مليون رجل وامرأة عبر المحيط الأطلسي على مدار أربعة قرون.


بقلم فاطمة نور


المصادر:

1) تاريخ أفريقيا الحديث، أ.د.رءوف عباس حامد.

2) تجارة العبيد في أفريقيا، عايدة العزب موسى.

3) The Zong: A Massacre, the Law and the End of Slavery, James Walvin.

393 views0 comments
bottom of page